للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ شَيْءٍ صَارَ قَبِيحًا وَاكْتَسَبَ الْفِعْلُ صِفَةَ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ بِخِطَابِ الشَّارِعِ.

وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَأْمُرَ الشَّارِعُ بِشَيْءِ لِيَمْتَحِنَ الْعَبْدَ هَلْ يُطِيعُهُ أَمْ يَعْصِيهِ وَلَا يَكُونُ الْمُرَادُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا أَمَرَ إبْرَاهِيمَ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَفَدَاهُ بِالذَّبْحِ وَكَذَلِكَ {حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِمْ مَنْ سَأَلَهُمْ الصَّدَقَةَ فَلَمَّا أَجَابَ الْأَعْمَى قَالَ الْمَلَكُ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ مَالَكَ فَإِنَّمَا اُبْتُلِيتُمْ؛ فَرَضِيَ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ} . فَالْحِكْمَةُ مَنْشَؤُهَا مِنْ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا مِنْ نَفْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهَذَا النَّوْعُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَفْهَمْهُ الْمُعْتَزِلَةُ؛ وَزَعَمَتْ أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ بِدُونِ أَمْرِ الشَّارِعِ وَالْأَشْعَرِيَّةُ ادَّعَوْا: أَنَّ جَمِيعَ الشَّرِيعَةِ مِنْ قِسْمِ الِامْتِحَانِ وَأَنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَتْ لَهَا صِفَةٌ لَا قَبْلَ الشَّرْعِ وَلَا بِالشَّرْعِ؛ وَأَمَّا الْحُكَمَاءُ وَالْجُمْهُورُ فَأَثْبَتُوا الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ.