للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقَادِرِ عَلَيْهِ. وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا النِّزَاعِ لَفْظِيٌّ فَمَنْ فَسَّرَ عَدَمَ الْقُدْرَةِ بِذَلِكَ ظَهَرَ مَقْصُودُهُ فَإِذَا حَقَّقَ الْأَمْرَ وَقِيلَ: هَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ إذَا أَرَادَ مَا أُمِرَ بِهِ إرَادَةً جَازِمَةً عَاجِزًا عَنْهُ تَبَيَّنَ الْحَقُّ وَظَهَرَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ مَا أُمِرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا بَلْ قَادِرًا عَلَيْهِ. وَأَنَّ مَا كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ إذَا أَرَادَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْهُ إيَّاهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا: أَيْ مَا وَسِعَتْهُ النَّفْسُ.

وَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ عَمَلَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ هُوَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَمِنْ نِعْمَتِهِ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} وَقَالَ: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} . وَكَذَلِكَ إضَافَةُ السَّيِّئَاتِ إلَى نَفْسِهِ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ مَوْجُودٍ: مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصِّفَاتِ وَالْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ. كَمَا قَالَ آدَمَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وَقَالَ مُوسَى: {رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} وَقَالَ الْخَلِيلُ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ