للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ - الظُّلْمُ مِنْهُ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ فَكُلُّ مُمْكِنٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ لَيْسَ فِعْلُهُ ظُلْمًا. وَقَالُوا: الظُّلْمُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّ اللَّهِ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَالنُّظَّارِ: بَلْ الظُّلْمُ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْخَسَ الْمُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ حَسَنَاتِهِ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ الظُّلْمِ الَّذِي نَزَّهَ اللَّهُ نَفْسَهُ عَنْهُ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} . قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ: " الْهَضْمُ " أَنْ يُهْضَمَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَالظُّلْمُ أَنْ يُزَادَ فِي سَيِّئَاتِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى} وَقَالَ: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وَفِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يُجَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَجُلِ مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ؟ فَيَهَابُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلَى. إنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ فَتُخْرَجُ