للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهُ التَّاسِعُ: أَنَّ الْعِلْمَ بِوُجُودِ صِفَاتٍ مُشْتَرَكَةٍ وَمُخْتَصَّةٍ حَقٌّ؛ لَكِنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَ تِلْكَ الصِّفَاتِ بِجَعْلِ بَعْضِهَا ذَاتِيًّا تَتَقَوَّمُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْمَحْدُودِ وَبَعْضِهَا لَازِمًا لِحَقِيقَةِ الْمَحْدُودِ: تَفْرِيقٌ بَاطِلٌ بَلْ جَمِيعُ الصِّفَاتِ الْمُلَازِمَةِ لِلْمَحْدُودِ - طَرْدًا وَعَكْسًا - هِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلِ وَالْخَاصَّةِ وَلَا بَيْنَ الْجِنْسِ وَالْعَرَضِ الْعَامِّ. وَذَلِكَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ: إمَّا أَنْ يُعْنَى بِهَا الْخَارِجَةُ أَوْ الذِّهْنِيَّةُ أَوْ شَيْءٌ ثَالِثٌ. فَإِنْ عُنِيَ بِهَا الْخَارِجَةُ: فَالنُّطْقُ وَالضَّحِكُ فِي الْإِنْسَانِ حَقِيقَتَانِ لَازِمَتَانِ يَخْتَصَّانِ بِهِ. وَإِنْ عُنِيَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي فِي الذِّهْنِ: فَالذِّهْنُ يَعْقِلُ اخْتِصَاصَ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَإِنْ قِيلَ: بَلْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَقْلُ الْحَقِيقَةِ عَلَيْهَا فَلَا يَعْقِلُ الْإِنْسَانُ فِي الذِّهْنِ حَتَّى يَفْهَمَ النُّطْقَ؛ وَأَمَّا الضَّحِكُ فَهُوَ تَابِعٌ لِفَهْمِ الْإِنْسَانِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ " الذَّاتِيُّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فَهْمُ الْحَقِيقَةِ بِدُونِ فَهْمِهِ أَوْ مَا تَقِفُ الْحَقِيقَةُ فِي الذِّهْنِ وَالْخَارِجِ عَلَيْهِ ".