للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَتِلْكَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْقَضَايَا الْعَقْلِيَّةِ الْوَاجِبِ قَبُولُهَا؛ بَلْ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْقَضَايَا الَّتِي جِهَتُهَا الْوُجُوبُ كَمَا يُقَالُ كُلُّ إنْسَانٍ حَيَوَانٌ وَكُلُّ مَوْجُودٍ فَإِمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُمْكِنٌ. وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّغْيِيرَ. وَلِهَذَا كَانَتْ الْعُلُومُ " ثَلَاثَةً ": إمَّا عِلْمٌ لَا يَتَجَرَّدُ عَنْ الْمَادَّةِ لَا فِي الذِّهْنِ وَلَا فِي الْخَارِجِ وَهُوَ " الطَّبِيعِيُّ " وَمَوْضُوعُهُ الْجِسْمُ. وَإِمَّا مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ وَهُوَ " الرِّيَاضِيُّ ": كَالْكَلَامِ فِي الْمِقْدَارِ وَالْعَدَدِ. وَأَمَّا مَا يَتَجَرَّدُ عَنْ الْمَادَّةِ مِنْهَا وَهُوَ " الْإِلَهِيُّ " وَمَوْضُوعُهُ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ بِلَوَاحِقِهِ الَّتِي تَلْحَقُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وُجُودٌ. كَانْقِسَامِهِ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ وَجَوْهَرٍ وَعَرَضٍ. وَانْقَسَمَ الْجَوْهَرُ إلَى مَا هُوَ حَالٌّ وَإِلَى مَا هُوَ مَحَلٌّ. وَمَا لَيْسَ بِحَالِّ وَلَا مَحَلٍّ بَلْ هُوَ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِحَالِّ وَلَا مَحَلٍّ وَلَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ. (فَالْأَوَّلُ هُوَ الصُّورَةُ وَ (الثَّانِي هُوَ الْمَادَّةُ. وَهُوَ الْهَيُولَى وَمَعْنَاهُ فِي لُغَتِهِمْ الْمَحَلُّ. وَ (الثَّالِثُ هُوَ النَّفْسُ. وَ (الرَّابِعُ هُوَ الْعَقْلُ. وَ (الْأَوَّلُ يَجْعَلُهُ أَكْثَرُهُمْ مِنْ مَقُولَةِ الْجَوْهَرِ؛ وَلَكِنَّ طَائِفَةً مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَابْنِ سِينَا امْتَنَعُوا مِنْ تَسْمِيَتِهِ جَوْهَرًا وَقَالُوا: الْجَوْهَرُ مَا إذَا وُجِدَ كَانَ وُجُودُهُ لَا فِي مَوْضُوعٍ أَيْ لَا فِي مَحَلٍّ يَسْتَغْنِي عَنْ الْحَالِّ فِيهِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا وُجُودُهُ غَيْرُ مَاهِيَّتِهِ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ جَوْهَرًا. وَهَذَا مِمَّا