للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِصُورَةِ الدَّلِيلِ يُشْبِهُ حِسَابَ الْإِنْسَانِ لِمَا مَعَهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْعَقَارِ. وَالْفِطْرَةُ تَتَصَوَّرُ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيمٍ. وَالنَّاسُ بِفِطَرِهِمْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ التَّدَاخُلِ وَالتَّلَازُمِ وَالتَّقْسِيمِ كَمَا يَتَكَلَّمُونَ بِالْحِسَابِ وَنَحْوِهِ والمنطقيون قَدْ يُسَلِّمُونَ ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُنْكِرُ أَنَّ الْقِيَاسَ يَحْصُلُ بِهِ عِلْمٌ إذَا كَانَتْ مَوَادُّهُ يَقِينِيَّةً؛ لَكِنْ نَقُولُ: إنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِلَ بِهِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ؛ بَلْ يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. ثُمَّ الْمَوَادُّ الْيَقِينِيَّةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا يَحْصُلُ بِهَا عِلْمٌ بِالْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودٌ تَزْكُو بِهِ النُّفُوسُ بَلْ وَلَا عِلْمٌ بِالْحَقَائِقِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِنْسِ مَا يَحْصُلُ بِقِيَاسِ التَّمْثِيلِ. فَلَا يُمْكِنُ قَطُّ أَنْ يَتَحَصَّلَ بِالْقِيَاسِ الشُّمُولِيِّ الْمَنْطِقِيِّ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الْبُرْهَانِيَّ عِلْمٌ إلَّا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِقِيَاسِ التَّمْثِيلِ الَّذِي يَسْتَضْعِفُونَهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ الْقِيَاسَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ.

وَالْعِلْمُ بِكَوْنِ الْكُلِّيَّةِ كُلِّيَّةً لَا يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِهِ إلَّا مَعَ الْجَزْمِ بِتَمَاثُلِ أَفْرَادِهِ فِي القدر الْمُشْتَرَكِ وَهَذَا يَحْصُلُ بِقِيَاسِ التَّمْثِيلِ. وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِوُجُوهِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَوَادَّ الْيَقِينِيَّةَ قَدْ حَصَرُوهَا فِي الْأَصْنَافِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ.