للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَنِي آدَمَ فِيهِ وَتَنَاقَضُوا فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ بَنِي آدَمَ إنَّمَا يَشْتَرِكُونَ كُلُّهُمْ فِي بَعْضِ الْمَرْئِيَّاتِ وَبَعْضِ الْمَسْمُوعَاتِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ عَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَيَرَوْنَ جِنْسَ السَّحَابِ وَالْبَرْقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا يَرَاهُ هَؤُلَاءِ عَيْنَ مَا يَرَاهُ هَؤُلَاءِ وَكَذَلِكَ يَشْتَرِكُونَ فِي سَمَاعِ صَوْتِ الرَّعْدِ وَأَمَّا مَا يَسْمَعُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ بَعْضٍ وَصَوْتِهِ فَهَذَا لَا يَشْتَرِكُ بَنُو آدَمَ فِي عَيْنِهِ بَلْ كُلُّ قَوْمٍ يَسْمَعُونَ مَا لَمْ يَسْمَعْ غَيْرُهُمْ وَكَذَا أَكْثَرُ الْمَرْئِيَّاتِ. وَأَمَّا الشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ فَهَذَا لَا يَشْتَرِكُ جَمِيعُ النَّاسِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِيهِ بَلْ الَّذِي يَشُمُّهُ هَؤُلَاءِ وَيَذُوقُونَهُ وَيَلْمِسُونَهُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَشُمُّهُ وَيَذُوقُهُ وَيَلْمِسُهُ هَؤُلَاءِ. لَكِنْ قَدْ يَتَّفِقَانِ فِي الْجِنْسِ لَا فِي الْعَيْنِ. وَكَذَلِكَ مَا يُعْلَمُ بِالتَّوَاتُرِ وَالتَّجْرِبَةِ وَالْحَدْسِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَوَاتَرُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَيُجَرِّبُ هَؤُلَاءِ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَيُجَرِّبُوهُ. وَلَكِنْ قَدْ يَتَّفِقَانِ فِي الْجِنْسِ كَمَا يُجَرِّبُ قَوْمٌ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ وَيُجَرِّبُ آخَرُونَ جِنْسَ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ فَيُتَّفَقُ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِ لَا فِي مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْمُجَرَّبِ. ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذَا يَقُولُونَ فِي الْمَنْطِقِ: إنَّ الْمُتَوَاتِرَاتِ وَالْمُجَرَّبَاتِ وَالْحَدْسِيَّاتِ تَخْتَصُّ بِمَنْ عَلِمَهَا فَلَا يَقُومُ مِنْهَا بُرْهَانٌ عَلَى غَيْرِهِ. فَيُقَالُ لَهُمْ؛ وَكَذَلِكَ الْمَشْمُومَاتُ وَالْمَذُوقَاتُ. وَالْمَلْمُوسَاتُ بَلْ اشْتِرَاكُ