للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِالرِّضَا وَالتَّوَكُّلِ. وَالرِّضَا وَالتَّوَكُّلُ يَكْتَنِفَانِ الْمَقْدُورَ فَالتَّوَكُّلُ قَبْلَ وُقُوعِهِ. وَالرِّضَا بَعْدَ وُقُوعِهِ؛ وَلِهَذَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ بِعِلْمِك الْغَيْبَ وَبِقُدْرَتِك عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَشْيَتَك فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَسْأَلُك كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَأَسْأَلُك الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَأَسْأَلُك نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ وَأَسْأَلُك قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَأَسْأَلُك بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ وَأَسْأَلُك لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك؛ وَأَسْأَلُك الشَّوْقَ إلَى لِقَائِك مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زينا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ} رَوَاهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِي مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. وَأَمَّا مَا يَكُونُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَهُوَ عَزْمٌ عَلَى الرِّضَا لَا حَقِيقَةُ الرِّضَا؛ وَلِهَذَا كَانَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ يَعْزِمُونَ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ وُقُوعِ الْبَلَاءِ؛ فَإِذَا وَقَعَ انْفَسَخَتْ عَزَائِمُهُمْ كَمَا يَقَعُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الصَّبْرِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ