للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَآلِ حم وَآلِ الر وَسُوَرِ الْمُفَصَّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَمَوَاضِعَ مِنْ السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ كَثِيرٌ ظَاهِرٌ فَهُوَ أَصْلُ الْأُصُولِ وَقَاعِدَةُ الدِّينِ حَتَّى فِي سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وَهَاتَانِ السُّورَتَانِ. كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسُنَّةِ الْفَجْرِ وَهُمَا مُتَضَمِّنَتَانِ لِلتَّوْحِيدِ. فَأَمَّا ( {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّوْحِيدِ الْعَمَلِيِّ الْإِرَادِيِّ وَهُوَ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَهُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ مَشَايِخُ التَّصَوُّفِ غَالِبًا. وَأَمَّا سُورَةُ ( {قُلْ هُوَ اللَّهُ} أَحَدٌ فَمُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّوْحِيدِ الْقَوْلِيِّ الْعَمَلِيِّ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ {أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي صَلَاتِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلُوهُ لِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ} . وَلِهَذَا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي يَنْفِي قَوْلَ أَهْلِ التَّعْطِيلِ وَقَوْلِ أَهْلِ التَّمْثِيلِ مَا صَارَتْ بِهِ هِيَ الْأَصْلَ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسَائِلِ الذَّاتِ كَمَا قَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَذَكَرْنَا اعْتِمَادَ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهَا مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ كَمَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ. لَكِنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا هُوَ " التَّوْحِيدُ الْعَمَلِيُّ " وَهُوَ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ وَإِنْ