للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} . وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ هُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَهَا أَصْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَحَبَّةُ الْعَامَّةِ لِأَجْلِ إحْسَانِهِ إلَى عِبَادِهِ وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَا يُنْكِرُهَا أَحَدٌ فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إلَيْهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُنْعِمُ الْمُحْسِنُ إلَى عَبْدِهِ بِالْحَقِيقَةِ فَإِنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِجَمِيعِ النِّعَمِ وَإِنْ جَرَتْ بِوَاسِطَةِ؛ إذْ هُوَ مُيَسِّرُ الْوَسَائِطِ وَمُسَبِّبُ الْأَسْبَابِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ فِي الْحَقِيقَةِ إذَا لَمْ تَجْذِبْ الْقَلْبَ إلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ نَفْسِهِ فَمَا أَحَبَّ الْعَبْدُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَّا نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا لِأَجْلِ إحْسَانِهِ إلَيْهِ فَمَا أَحَبَّ فِي الْحَقِيقَةِ إلَّا نَفْسَهُ. وَهَذَا لَيْسَ بِمَذْمُومِ بَلْ مَحْمُودٌ. وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ هِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلِي بِحُبِّي} وَالْمُقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ هُوَ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ مَا يَسْتَوْجِبُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ إلَّا إحْسَانَهُ إلَيْهِ وَهَذَا كَمَا قَالُوا: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ عَلَى " نَوْعَيْنِ ": " حَمْدٌ " هُوَ شُكْرٌ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى نِعْمَتِهِ. وَ " حَمْدٌ " هُوَ مَدْحٌ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَمَحَبَّةٌ لَهُ وَهُوَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ لِنَفْسِهِ سُبْحَانَهُ