للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَابَ مِنْ الذُّنُوبِ كَانَ اسْتِفْرَاغًا مِنْ تَخْلِيطَاتِهِ حَيْثُ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا فَإِذَا تَابَ مِنْ الذُّنُوبِ تَخَلَّصَتْ قُوَّةُ الْقَلْبِ وَإِرَادَاتُهُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَاسْتَرَاحَ الْقَلْبُ مِنْ تِلْكَ الْحَوَادِثِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ. فَزَكَاةُ الْقَلْبِ بِحَيْثُ يَنْمُو وَيَكْمُلُ. قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} وَقَالَ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} وَقَالَ تَعَالَى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إلَى أَنْ تَزَكَّى} {وَأَهْدِيَكَ إلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} فَالتَّزْكِيَةُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا النَّمَاءُ وَالْبَرَكَةُ وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ فَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِإِزَالَةِ الشَّرِّ؛ فَلِهَذَا صَارَ التَّزَكِّي يَجْمَعُ هَذَا وَهَذَا. وَقَالَ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} وَهِيَ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ الَّذِي بِهِ يَزْكُو الْقَلْبُ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ إلَهِيَّةِ مَا سِوَى الْحَقِّ مِنْ الْقَلْبِ وَإِثْبَاتَ إلَهِيَّةِ الْحَقِّ فِي الْقَلْبِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَهَذَا أَصْلُ مَا تَزْكُو بِهِ الْقُلُوبُ. وَالتَّزْكِيَةُ جَعْلُ الشَّيْءِ زَكِيًّا: إمَّا فِي ذَاتِهِ وَإِمَّا فِي الِاعْتِقَادِ وَالْخَبَرِ؛