للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَيَاتِهَا وَسَمْعِهَا وَبَصَرِهَا وَعَقْلِهَا وَصَمَمِهَا وَبُكْمِهَا وَعَمَاهَا. لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ مَرَضِ الْقَلْبِ فَنَقُولُ: الْمَرَضُ نَوْعَانِ: فَسَادُ الْحِسِّ. وَفَسَادُ الْحَرَكَةِ الطَّبِيعِيَّةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْإِرَادِيَّةِ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِفَقْدِهِ أَلَمٌ وَعَذَابٌ فَكَمَا أَنَّهُ مَعَ صِحَّةِ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ تَحْصُلُ اللَّذَّةُ وَالنِّعْمَةُ فَكَذَلِكَ بِفَسَادِهَا يَحْصُلُ الْأَلَمُ وَالْعَذَابُ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ النِّعْمَةُ مِنْ النَّعِيمِ وَهُوَ مَا يُنْعِمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ لَذَّةٌ وَنَعِيمٌ وَقَالَ: {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} أَيْ عَنْ شُكْرِهِ. فَسَبَبُ اللَّذَّةِ إحْسَاسُ الْمُلَائِمِ وَسَبَبُ الْأَلَمِ إحْسَاسُ الْمُنَافِي لَيْسَ اللَّذَّةُ وَالْأَلَمُ نَفْسَ الْإِحْسَاسِ وَالْإِدْرَاكِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ نَتِيجَتُهُ وَثَمَرَتُهُ وَمَقْصُودُهُ وَغَايَتُهُ فَالْمَرَضُ فِيهِ أَلَمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَسْكُنُ أَحْيَانًا لِمُعَارِضِ رَاجِحٍ فَالْمُقْتَضِي لَهُ قَائِمٌ يُهَيِّجُ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَلَا بُدَّ فِي الْمَرَضِ مِنْ وُجُودِ سَبَبِ الْأَلَمِ وَإِنَّمَا يَزُولُ الْأَلَمُ بِوُجُودِ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ. وَلَذَّةُ الْقَلْبِ وَأَلَمُهُ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الْجِسْمِ وَأَلَمِهِ أَعْنِي أَلَمَهُ وَلَذَّتَهُ النَّفْسانِيّتان