للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} . وَكَمَا قَالَ: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحْتَمِ فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِضَرَرِهِ فِي الْعَاقِبَةِ وَمَنْ تَنَاوَلَ مَا يَنْفَعُهُ مَعَ يَسِيرٍ مِنْ التَّخْلِيطِ فَهُوَ أَصْلَحُ مِمَّنْ احْتَمَى حَمِيَّةً كَامِلَةً وَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْأَشْيَاءَ سِرًّا؛ فَإِنَّ الْحَمِيَّةَ التَّامَّةَ بِلَا اغْتِذَاءٍ تُمْرِضُ فَهَكَذَا مَنْ تَرَكَ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يَفْعَلْ الْحَسَنَاتِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي " قَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ " أَنَّ جِنْسَ الْحَسَنَاتِ أَنْفَعُ مَنْ جِنْسِ تَرْكِ السَّيِّئَاتِ كَمَا أَنَّ جِنْسَ الِاغْتِذَاءِ مِنْ جِنْسِ الِاحْتِمَاءِ وَبَيَّنَّا أَنَّ هَذَا مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ بِالِانْضِمَامِ إلَى غَيْرِهِ وَكَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ الِاحْتِمَاءُ عَنْ سَبَبِ الْمَرَضِ قَبْلَ حُصُولِهِ وَإِزَالَتِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ فَهَكَذَا أَمْرَاضُ الْقَلْبِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى حِفْظِ الصِّحَّةِ ابْتِدَاءً وَإِلَى إعَادَتِهَا - بِأَنْ عَرَضَ لَهُ الْمَرَضُ - دَوَامًا وَالصِّحَّةُ تُحْفَظُ بِالْمِثْلِ وَالْمَرَضُ يَزُولُ بِالضِّدِّ فَصِحَّةُ الْقَلْبِ تُحْفَظُ بِاسْتِعْمَالِ أَمْثَالِ مَا فِيهَا أَوْ هُوَ مَا يُقَوِّي الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّفَكُّرِ وَالْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ وَتَزُولُ بِالضِّدِّ فَتُزَالُ الشُّبُهَاتُ بِالْبَيِّنَاتِ وَتُزَالُ مَحَبَّةُ الْبَاطِلِ بِبُغْضِهِ وَمَحَبَّةِ الْحَقِّ. وَلِهَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ: الْعُلُومُ خَمْسَةٌ: فَعِلْمٌ هُوَ حَيَاةُ الدُّنْيَا. وَهُوَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ. وَعِلْمٌ هُوَ غِذَاءُ الدِّينِ؛ وَهُوَ عِلْمُ التَّذَكُّرِ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. وَعِلْمٌ هُوَ دَوَاءُ الدِّينِ؛ وَهُوَ عِلْمُ الْفَتْوَى إذَا نَزَلَ بِالْعَبْدِ نَازِلَةٌ احْتَاجَ إلَى مَنْ