للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلنَّفْسِ وَبَيَّنَ أَنَّ تَرْكَ الْفَوَاحِشِ مِنْ زَكَاةِ النُّفُوسِ وَزَكَاةُ النُّفُوسِ تَتَضَمَّنُ زَوَالَ جَمِيعِ الشُّرُورِ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَالشِّرْكِ وَالْكَذِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ طَالِبُ الرِّئَاسَةِ وَالْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ قَلْبُهُ رَقِيقٌ لِمَنْ يُعِينُهُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ مُقَدَّمَهُمْ وَالْمُطَاعَ فِيهِمْ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ يَرْجُوهُمْ وَيَخَافُهُمْ فَيَبْذُلُ لَهُمْ الْأَمْوَالَ وَالْوِلَايَاتِ وَيَعْفُو عَنْهُمْ لِيُطِيعُوهُ وَيُعِينُوهُ فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ رَئِيسٌ مُطَاعٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَبْدٌ مُطِيعٌ لَهُمْ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كِلَاهُمَا فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِلْآخَرِ وَكِلَاهُمَا تَارِكٌ لِحَقِيقَةِ عِبَادَةِ اللَّهِ وَإِذَا كَانَ تَعَاوُنُهُمَا عَلَى الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْفَاحِشَةِ أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّخْصَيْنِ لِهَوَاهُ الَّذِي اسْتَعْبَدَهُ وَاسْتَرَقَّهُ يَسْتَعْبِدُهُ الْآخَرُ. وَهَكَذَا أَيْضًا طَالِبُ الْمَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَعْبِدُهُ وَيَسْتَرِقُّهُ وَهَذِهِ الْأُمُورُ نَوْعَانِ: (مِنْهَا) مَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَيْهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَمَسْكَنِهِ ومنكحه وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا يَطْلُبُهُ مِنْ اللَّهِ وَيَرْغَبُ إلَيْهِ فِيهِ فَيَكُونُ الْمَالُ عِنْدَهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي حَاجَتِهِ بِمَنْزِلَةِ حِمَارِهِ الَّذِي يَرْكَبُهُ وَبِسَاطِهِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ؛ بَلْ بِمَنْزِلَةِ الْكَنِيفِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ حَاجَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعْبِدَهُ فَيَكُونُ هَلُوعًا