للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بِالْوَجْهَيْنِ قِيلَ: اُعْبُدُونِي وَامْتَثِلُوا أَمْرِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أَيْ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ: اسْتَجَابَهُ وَاسْتَجَابَ لَهُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إلَى النَّدَى فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ وَقِيلَ: سَلُونِي أُعْطِكُمْ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ} فَذَكَرَ أَوَّلًا لَفْظَ الدُّعَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ السُّؤَالَ وَالِاسْتِغْفَارَ. وَالْمُسْتَغْفِرُ سَائِلٌ كَمَا أَنَّ السَّائِلَ دَاعٍ؛ لَكِنَّ ذِكْرَ السَّائِلِ لِدَفْعِ الشَّرِّ بَعْدَ السَّائِلِ الطَّالِبِ لِلْخَيْرِ وَذِكْرُهُمَا جَمِيعًا بَعْدَ ذِكْرِ الدَّاعِي الَّذِي يَتَنَاوَلُهُمَا وَغَيْرَهُمَا فَهُوَ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ} . وَكُلُّ سَائِلٍ رَاغِبٌ رَاهِبٌ فَهُوَ عَابِدٌ لِلْمَسْؤُولِ وَكُلُّ عَابِدٍ لَهُ