للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّتَانِ هُمَا أَصْلَا الدِّينِ وَجِمَاعُهُ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ الدِّينِ دَاخِلٌ فِي " الشَّهَادَتَيْنِ " إذْ مَضْمُونُهُمَا أَلَّا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ وَأَنْ نُطِيعَ رَسُولَهُ و " الدِّينُ " كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي هَذَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَكُلُّ مَا يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ دَاخِلٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يَقُولُ: {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ} وَهَذَا كَفَّارَةُ الْمَجْلِسِ فَقَدْ شُرِعَ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ وَفِي آخِرِ الْوُضُوءِ وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ: {اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي؛ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ} وَهُنَا قَدَّمَ الدُّعَاءَ وَخَتَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَخَتَمَ بِالتَّوْحِيدِ لِيَخْتِمَ الصَّلَاةَ بِأَفْضَلِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ هَذَا فَإِنَّ تَقْدِيمَ التَّوْحِيدِ أَفْضَلُ. فَإِنَّ جِنْسَ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ وَعِبَادَةٌ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ سُؤَالٌ وَطَلَبٌ وَإِنْ كَانَ الْمَفْضُولُ قَدْ يُفَضَّلُ عَلَى الْفَاضِلِ فِي مَوْضِعِهِ الْخَاصِّ بِسَبَبِ وَبِأَشْيَاءَ أُخَرَ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةَ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ وَالذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ سُؤَالٌ وَمَعَ هَذَا فَالْمَفْضُولُ لَهُ أَمْكِنَةٌ وَأَزْمِنَةٌ