للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هِيَ مِنْ مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ؛ فَهَذِهِ الْأُمُورُ قَدْ تَكُونُ قَطْعِيَّةً عِنْدَ بَعْضِ مَنْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ الْحَقَّ فِيهَا؛ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِمَا بَانَ لَهُ وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ فَيَلْتَحِقُ مِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَمِنْ وَجْهٍ بِالْقِسْمِ الثَّانِي. وَقَدْ تَكُونُ اجْتِهَادِيَّةً عِنْدَهُ أَيْضًا فَهَذِهِ تَسْلَمُ لِكُلِّ مُجْتَهِدٍ وَمَنْ قَلَّدَهُ طَرِيقَهُمْ تَسْلِيمًا نَوْعِيًّا بِحَيْثُ لَا يُنْكَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ كَمَا سَلِمَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَسْلِيمًا شَخْصِيًّا.

وَأَمَّا الَّذِي لَا يَسْلَمُ إلَيْهِ حَالُهُ: فَمِثْلُ أَنْ يُعْرَفَ مِنْهُ أَنَّهُ عَاقِلٌ يَتَوَلَّهُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ اللَّوْمُ كَكَثِيرِ مِنْ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى الشَّيْخِ أَحْمَد بْنِ الرِّفَاعِيِّ و " اليونسية " فِيمَا يَأْتُونَهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَتْرُكُونَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ أَوْ يُعْرَفُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتَوَاجَدُ وَيَتَسَاكَرُ فِي وَجْدِهِ لِيُظَنَّ بِهِ خَيْرًا وَيُرْفَعَ عَنْهُ الْمَلَامُ فِيمَا يَقَعُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَةِ أَوْ يُعْرَفَ مِنْهُ أَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَبَيَّنَ لَهُ وَأَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ أَوْ يُعْرَفَ مِنْهُ تَجْوِيزُ الِانْحِرَافِ عَنْ مُوجَبِ الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَأَنَّهُ قَدْ يَتَفَوَّهُ بِمَا يُخَالِفُهَا وَأَنَّ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْ الرَّسُولِ أَوْ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ أَوْ أَنْ يَجْرِيَ مَعَ الْقَدَرِ الْمَحْضِ الْمُخَالِفِ لِلدِّينِ كَمَا يَحْكِي بَعْضُ الْكَذَّابِينَ الضَّالِّينَ: أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ قَاتَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْكُفَّارِ لَمَّا انْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا: نَحْنُ مَعَ اللَّهِ، مَنْ غَلَبَ كُنَّا مَعَهُ، وَأَنَّهُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ سُمِعَ مِنْهُ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ الْمُنَاجَاةِ،