للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ بِأَمْرِ بَاطِنٍ وَهُوَ أَمْرُ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمُرُ عَبْدَهُ وَيَنْهَاهُ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْأَمْرُ فِي الْمُبَاحِ الَّذِي لَيْسَ حُكْمًا فِي الشَّرْعِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ النَّهْيِ وَلَا مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ بَلْ هُوَ مُهْمَلٌ تُرِكَ الْعَبْدُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ فَسُمِّيَ مُبَاحًا فَلَا يُحْدِثُ الْعَبْدُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ بَلْ يَنْتَظِرُ الْأَمْرَ فِيهِ فَإِذَا أُمِرَ امْتَثَلَ فَيَصِيرُ جَمِيعُ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا فِي الشَّرْعِ حُكْمُهُ فَبِالشَّرْعِ وَمَا لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ فِي الشَّرْعِ فَبِالْأَمْرِ الْبَاطِنِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُحَقِّقًا مِنْ أَهْلِ الْحَقِيقَةِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ بَاطِنٌ فَهُوَ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ حَالَةَ التَّسْلِيمِ. وَإِنْ كُنْت فِي حَالَةِ حَقِّ الْحَقِّ وَهِيَ حَالَةُ الْمُحِقِّ، وَالْفِنَاءُ حَالَةُ الْأَبْدَالِ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ؛ لِأَجْلِ الْحَقِّ الْمُوَحِّدِينَ الْعَارِفِينَ أَرْبَابِ الْعُلُومِ، وَالْفِعْلِ السَّادَةِ الْأُمَرَاءِ السَّخِيِّ الْخُفَرَاءِ لِلْحَقِّ خُلَفَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَجِلَّائِهِ وَأَعْيَانِهِ وَأَحْبَابِهِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ فَاتِّبَاعُ الْأَمْرِ فِيهَا بِمُخَالَفَتِك إيَّاكَ بِالتَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَأَنْ لَا تَكُونَ لَك إرَادَةٌ وَهِمَّةٌ فِي شَيْءٍ أَلْبَتَّةَ دُنْيَا وَأُخْرَى، عَبْدَ الْمَلِكِ لَا عَبْدَ الْمُلْكِ، وَعَبْدَ الْأَمْرِ لَا عَبْدَ الْهَوَى كَالطِّفْلِ مَعَ الظِّئْرِ وَالْمَيِّتِ الْغَسِيلِ مَعَ الْغَاسِلِ وَالْمَرِيضِ الْمَغْلُوبِ عَلَى حِسِّهِ مَعَ الطَّبِيبِ فِيمَا سِوَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَقَالَ أَيْضًا: " اتَّبِعْ الشَّرْعَ فِي جَمِيعِ مَا يَنْزِلُ بِك إنْ كُنْت فِي