للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ ذِكْرَ الِاسْمِ الْمُجَرَّدِ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ ذِكْرَ الْخَاصَّةِ. وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ " الِاسْمِ الْمُضْمَرِ " وَهُوَ: " هُوَ ". فَإِنَّ هَذَا بِنَفْسِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا يُفَسِّرُهُ مِنْ مَذْكُورٍ أَوْ مَعْلُومٍ فَيَبْقَى مَعْنَاهُ بِحَسَبِ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَنِيَّتِهِ؛ وَلِهَذَا قَدْ يَذْكُرُ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْحَقَّ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ. وَقَدْ يَقُولُ: " لَا هُوَ إلَّا هُوَ " وَيَسْرِي قَلْبُهُ فِي " وَحْدَةِ الْوُجُودِ " وَمَذْهَبُ فِرْعَوْنَ والْإِسْمَاعِيلِيَّة وَزَنَادِقَةِ هَؤُلَاءِ الْمُتَصَوِّفَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِحَيْثُ يَكُونُ قَوْلُهُ " هُوَ " كَقَوْلِهِ: " وُجُودُهُ ". وَقَدْ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: " لَا هُوَ إلَّا هُوَ " أَيْ: أَنَّهُ هُوَ الْوُجُودُ وَأَنَّهُ مَا ثَمَّ خَلْقٌ أَصْلًا، وَأَنَّ الرَّبَّ وَالْعَبْدَ وَالْحَقَّ وَالْخَلْقَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. كَمَا بَيَّنْتُهُ مِنْ مَذْهَبِ " الِاتِّحَادِيَّةِ " فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْأَحْوَالِ الْفَاسِدَةِ الْخُرُوجُ عَنْ الشِّرْعَةِ وَالْمِنْهَاجِ الَّذِي بُعِثَ بِهِ الرَّسُولُ إلَيْنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنَّ الْبِدَعَ هِيَ: مَبَادِئُ الْكُفْرِ وَمَظَانُّ الْكُفْرِ. كَمَا أَنَّ السُّنَنَ الْمَشْرُوعَةَ هِيَ: مَظَاهِرُ الْإِيمَانِ وَمُقَوِّيَةٌ لِلْإِيمَانِ؛ فَإِنَّهُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ. كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ زِيَادَتِهِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا} وَقَوْلِهِ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا}