للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى رَبِّهِ} قَالَ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} إلَى قَوْلِهِ: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} فَلَمْ يَقُلْ لَا يَظْلِمُونَ وَلَا يُذْنِبُونَ. بَلْ قَالَ: {إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} أَيْ بِذَنْبِ آخَرَ غَيْرِ الْفَاحِشَةِ؛ فَعَطَفَ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ. كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} وَقَالَتْ بلقيس: {رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} وَقَالَ تَعَالَى عُمُومًا عَنْ أَهْلِ الْقُرَى الْمُهْلَكَةِ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِارْتِكَابِهِمْ مَا نُهُوا عَنْهُ؛ وَبِعِصْيَانِهِمْ لِأَنْبِيَائِهِمْ؛ وَبِتَرْكِهِمْ التَّوْبَةَ إلَى رَبِّهِمْ. وقَوْله تَعَالَى {ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} ثُمَّ قَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} . قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ الزِّنَا وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُمْ أَهْلُ الْبَاطِلِ. وَقَالَ السدي: هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْجَمِيعُ حَقٌّ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ مَعَ الْكُفْرِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْ تَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الْمُحَرَّمَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ طَاوُوسٌ وَمُقَاتِلٌ: ضَعِيفٌ فِي قِلَّةِ الصَّبْرِ عَنْ النِّسَاءِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ كيسان: ضَعِيفُ الْعَزْمِ عَنْ قَهْرِ الْهَوَى. وَقِيلَ: ضَعِيفٌ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، يُرْوَى ذَلِكَ