للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا طَوَائِفُ مِنْ مُتَكَلِّمَةِ السُّنَّةِ - فَهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ وُجُودَهَا وَلَا يَقُولُونَ إنَّ عَيْنَ وُجُودِهَا عَيْنُ وُجُودِ الْحَقِّ. وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُصُوصِ وَأَتْبَاعُهُ فَيَقُولُونَ: عَيْنُ وُجُودِهَا عَيْنُ وُجُودِ الْحَقِّ فَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ بِذَوَاتِهَا الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ مُتَّحِدَةٌ بِوُجُودِ الْحَقِّ الْقَائِمِ بِهَا. وَعَامَّةُ كَلَامِهِ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَفَهِمَهُ. وَابْنُ عَرَبِيٍّ إذَا جَعَلَ الْأَعْيَانَ ثَابِتَةً لَزِمَهُ وُجُودُ كُلِّ مُمْكِنٍ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ فَهَذَا فَرْقٌ ثَالِثٌ. وَهَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْعَدَمِ - سَوَاءٌ قَالُوا بِأَنَّ وُجُودَهَا خَلْقٌ لِلَّهِ أَوْ هُوَ اللَّهُ - يَقُولُونَ إنَّ الْمَاهِيَّاتِ وَالْأَعْيَانَ غَيْرُ مَجْعُولَةٍ وَلَا مَخْلُوقَةٌ وَإِنَّ وُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَاهِيَّتِهِ وَقَدْ يَقُولُونَ الْوُجُودُ صِفَةٌ لِلْمَوْجُودِ. وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَبَهٌ بِقَوْلِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ مَادَّةِ الْعَالَمِ وَهَيُولَاهُ الْمُتَمَيِّزَةِ عَنْ صُورَتِهِ فَلَيْسَ هُوَ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الْمُحْدَثَةَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ لَيْسَتْ قَدِيمَةً بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ بَلْ هِيَ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ. وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ وَالْأَعْرَاضُ الْقَائِمَةُ بِأَجْسَامِ السَّمَوَاتِ وَالِاسْتِحَالَاتُ الْقَائِمَةُ بِالْعَنَاصِرِ مِنْ حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالسَّحَابِ