للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلِمُوا أَنَّهُ مُرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ خِلَافًا لِلْقَدَرِيَّةِ. وَقَالُوا: هُوَ أَيْضًا مُحِبٌّ لَهَا مُرِيدٌ لَهَا ثُمَّ أَخَذُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلَامَ عَنْ مَوَاضِعِهِ. فَقَالُوا: لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ بِمَعْنَى لَا يُرِيدُ الْفَسَادَ: أَيْ لَا يُرِيدُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ. أَيْ لَا يُرِيدُهُ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ؛ فَإِنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُحِبُّ الْإِيمَانَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْإِيمَانَ: أَيْ لَا يُرِيدُهُ لِلْكَافِرِينَ وَلَا يَرْضَاهُ لِلْكَافِرِينَ وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا يُحِبُّهُ. ثُمَّ قَدْ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا لَيْسَ بِوَاجِبِ سَوَاءٌ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ. وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (وَالْفَرِيقُ الثَّانِي) مِنْ غَالِطِي الْمُتَصَوِّفَةِ شَرِبُوا مِنْ هَذِهِ الْعَيْنِ: فَشَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ رَبُّ الْكَائِنَاتِ جَمِيعِهَا وَعَلِمُوا أَنَّهُ قَدَّرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَشَاءَهُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ رَاضِينَ حَتَّى يَرْضَوْا بِكُلِّ مَا يُقَدِّرُهُ وَيَقْضِيه مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَحَبَّةُ نَارٌ تُحْرِقُ مِنْ الْقَلْبِ كُلَّ مَا سِوَى مُرَادِ الْمَحْبُوبِ. قَالُوا: وَالْكَوْنُ كُلُّهُ مُرَادُ الْمَحْبُوبِ. وَضَلَّ هَؤُلَاءِ ضَلَالًا عَظِيمًا حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْإِرَادَةِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ وَالْإِذْنِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ وَالْأَمْرِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ وَالْبَعْثِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ. وَالْإِرْسَالِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ. كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.