للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ عَلَى الْجَوَابِ؛ فَإِنَّ لَهُ مَوَارِدَ وَاسِعَةً. فَهُنَا لَمَّا اقْتَرَنَ بِالْوَسْوَاسِ هَذَا الْبُغْضُ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ كَانَ هُوَ صَرِيحَ الْإِيمَانِ وَهُوَ خَالِصُهُ وَمَحْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ وَالْكَافِرَ لَا يَجِدُ هَذَا الْبُغْضَ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْوَسْوَسَةِ بِذَلِكَ؛ بَلْ إنْ كَانَ فِي الْكُفْرِ الْبَسِيطِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَتَرَكَ الْإِيمَانَ بِهِ - وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَكْذِيبَهُ - فَهَذَا قَدْ لَا يُوَسْوِسُ لَهُ الشَّيْطَانُ بِذَلِكَ إذْ الْوَسْوَسَةُ بِالْمُعَارِضِ الْمُنَافِي لِلْإِيمَانِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَقْتَضِي الْإِيمَانَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مُعَارِضٍ يَدْفَعُهُ؛ وَإِنْ كَانَ فِي الْكُفْرِ الْمُرَكَّبِ وَهُوَ التَّكْذِيبُ فَالْكُفْرُ فَوْقَ الْوَسْوَسَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ إيمَانٌ يُكْرَهُ بِهِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْوَسْوَسَةُ عَارِضَةً لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} الْآيَاتُ. فَضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَ لِمَا يُنْزِلُهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ فِي أَوْدِيَةِ الْأَرْضِ وَجَعَلَ الْقُلُوبَ كَالْأَوْدِيَةِ: مِنْهَا الْكَبِيرُ وَمِنْهَا الصَّغِيرُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا: فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَة قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَسَقَى النَّاسُ وَشَرِبُوا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إنَّمَا هِيَ