للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ بالتحافظ؟ وَهَذَا مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ] (*).

وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَقُولُونَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْتَحِقُّ وَعْدَ اللَّهِ وَفَضْلُهُ الثَّوَابُ عَلَى حَسَنَاتِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَى سَيِّئَاتِهِ وَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَمَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ وَمَا يُذَمُّ عَلَيْهِ وَمَا يُحَبُّ مِنْهُ وَمَا يُبْغَضُ مِنْهُ فَهَذَا هَذَا. وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ مَنْشَأَ " التَّصَوُّفِ " كَانَ مِنْ الْبَصْرَةِ وَأَنَّهُ كَانَ فِيهَا مَنْ يَسْلُكُ طَرِيقَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ مِمَّا لَهُ فِيهِ اجْتِهَادٌ كَمَا كَانَ فِي الْكُوفَةِ مَنْ يَسْلُكُ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مَا لَهُ فِيهِ اجْتِهَادٌ وَهَؤُلَاءِ نُسِبُوا إلَى اللُّبْسَةِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ لِبَاسُ الصُّوفِ. فَقِيلَ فِي أَحَدِهِمْ: " صُوفِيٌّ " وَلَيْسَ طَرِيقُهُمْ مُقَيَّدًا بِلِبَاسِ الصُّوفِ وَلَا هُمْ أَوْجَبُوا ذَلِكَ وَلَا عَلَّقُوا الْأَمْرَ بِهِ لَكِنْ أُضِيفُوا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الْحَالِ. ثُمَّ " التَّصَوُّفُ " عِنْدَهُمْ لَهُ حَقَائِقُ وَأَحْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي حُدُودِهِ وَسِيرَتِهِ وَأَخْلَاقِهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: " الصُّوفِيُّ " مَنْ صَفَا مِنْ الْكَدَرِ وَامْتَلَأَ مِنْ الْفِكْرِ وَاسْتَوَى عِنْدَهُ الذَّهَبُ وَالْحَجَرُ. التَّصَوُّفُ كِتْمَانُ الْمَعَانِي وَتَرْكُ الدَّعَاوَى. وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ: وَهُمْ يَسِيرُونَ بِالصُّوفِيِّ إلَى


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٩٢):
هكذا النص في المجموع، ويبدو أن نص المخطوط غير مقروء، لذلك وضع الجامع رحمه الله علامات الاستفهام بعد الكلمات المبهمة، وهذا المعنى ذكره الشيخ رحمه في غير موضع منها قوله (٧/ ٣٥٣): (وقد يجتمع في العبد نفاق وإيمان، وكفر وإيمان، فالإيمان المطلق عند هؤلاء ما كان صاحبه مستحقاً للوعد بالجنة.
وطوائف أهل الأهواء من الخوارج، والمعتزلة، والجهمية، والمرجئة، كَرَّاميهم، وغير كرَّاميهم يقولون: إنه لا يجتمع في العبد إيمان ونفاق).

وفي هامش (ص ٩٢) يقول الشيخ:
لولا وجود المرجئة مع المعتزلة والخوارج لترجح عندي أن عبارة: (محاط (؟) وحال من يقول بالتحافظ (؟)) هي كالتالي: (فحاله كحال من يقول بالتخليد)، فإن الشيخ رحمه الله ذكر مرارا عند تنبيهه لمسألة اجتماع أسباب الموالاة والمعاداة والحب والبغض في الشخص الواحد أن المخالف هو من يقول بالتخليد، كقوله (١٠/ ٨) بعد أن ذكر مذهب أهل السنة في هذا (وأما القائلون بالتخليد، كالخوارج والمعتزلة القائلين: إنه لا يخرج من النار من دخلها من أهل القبلة، وأنه لا شفاعة للرسول ولا لغيره في أهل الكبائر، لا قبل دخول النار ولا بعده، فعندهم لا يجتمع في الشخص الواحد ثواب وعقاب، وحسنات وسيئات، بل من أثيب لا يعاقب، ومن عوقب لم يثب)، وانظر المنهاج ٤/ ٥٧١.