للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ ظَهَرَ فَضْلُ نَبِيِّنَا عَلَى الْمَلَائِكَةِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ لَمَّا صَارَ بِمُسْتَوَى يُسْمَعُ فِيهِ صَرِيفُ الْأَقْلَامِ؛ وَعَلَا عَلَى مَقَامَاتِ الْمَلَائِكَةِ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَظْهَرَ مِنْ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَعَجِيبِ حِكْمَتِهِ مِنْ صَالِحِي الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِثْلُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ جَمَعَ فِيهِمْ مَا تَفَرَّقَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ. فَخَلَقَ بَدَنَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَرُوحَهُ مِنْ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَلِهَذَا يُقَالُ: هُوَ الْعَالَمُ الصَّغِيرُ وَهُوَ نُسْخَةُ الْعَالَمِ الْكَبِيرِ. وَمُحَمَّدٌ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ. وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَيْهِ وَمِنْ هُنَا قَالَ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِنْ أَجْلِهِ الْعَالَمَ أَوْ إنَّهُ لَوْلَا هُوَ لَمَا خَلَقَ عَرْشًا وَلَا كُرْسِيًّا وَلَا سَمَاءً وَلَا أَرْضًا وَلَا شَمْسًا وَلَا قَمَرًا. لَكِنْ لَيْسَ هَذَا حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ لَا يُدْرَى قَائِلُهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِوَجْهِ صَحِيحٍ كَقَوْلِهِ. {سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وَقَوْلُهُ: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي يُبَيِّنُ فِيهَا أَنَّهُ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ لِبَنِي آدَمَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِلَّهِ فِيهَا حِكَمًا عَظِيمَةً غَيْرَ ذَلِكَ،