للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ السِّرَّ الَّذِي لَمْ يَفْهَمْهُ عُمَرُ. وَحَمَلَهُ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى رَأْيِهِمْ الْفَاسِدِ؛ والنجادية يَدَّعُونَ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ وَأَهْلُ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ الَّذِينَ يَنْفُونَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْوَعِيدَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ. وَأَهْلُ الْحُلُولِ الْخَاصِّ أَشْبَاهُ النَّصَارَى يَدَّعُونَ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ؛ إلَى أَصْنَافٍ أُخَرَ يَطُولُ تَعْدَادُهَا. فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ: إنَّ عُمَرَ وَهُوَ شَاهِدٌ لَمْ يَفْهَمْ مَا قَالَا وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالَ الضُّلَّالَ أَهْلَ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَالْمُحَالِ عَلِمُوا مَعْنَى ذَلِكَ الْخِطَابِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ لَفْظَهُ. وَإِنَّمَا وُضِعَ مِثْلُ هَذَا الْكَذِبِ مَلَاحِدَةُ الْبَاطِنِيَّةِ حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: إنَّ مَا أَظْهَرَهُ الرُّسُلُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ وَالشَّرِيعَةِ لَهُ بَاطِنٌ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ؛ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ الْبَاطِنَ دُونَ عُمَرَ؛ وَيَجْعَلُونَ هَذَا ذَرِيعَةً عِنْدَ الْجُهَّالِ إلَى أَنْ يَسْلُخُوهُمْ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. وَنَظِيرُ هَذَا مَا يَرْوُونَهُ أَنْ عُمَرَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ لِيُعْرَفَ حَالُهُ فِي الْبَاطِنِ فَقَالَتْ: كُنْت أَشُمُّ رَائِحَةَ الْكَبِدِ الْمَشْوِيَّةِ. فَهَذَا أَيْضًا كَذِبٌ وَعُمَرُ لَمْ يَتَزَوَّجْ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ. بَلْ تَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَتْ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ جَعْفَرٍ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عميس وَكَانَتْ مِنْ