للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصَّلَاحِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ وَيُحْكَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ الْجُنَيْد وَغَيْرِهِ وَ " الْقَوْلُ الثَّانِي " يُرَجِّحُهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ. كَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا حَكَى بَعْضُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا وَهُوَ غَلَطٌ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ " قَوْلٌ ثَالِثٌ " وَهُوَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا مُطْلَقًا وَلَا هَذَا أَفْضَلَ مِنْ هَذَا مُطْلَقًا بَلْ أَفْضَلُهُمَا أَتْقَاهُمَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الْغِنَى وَالْفَقْرُ مَطِيَّتَانِ لَا أُبَالِي أَيَّتَهمَا رَكِبْت. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ الشَّيْخُ ابْنُ حَفْصٍ السهروردي وَقَدْ يَكُونُ هَذَا أَفْضَلَ لِقَوْمِ وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. وَهَذَا أَفْضَلَ لِقَوْمِ وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الْكَرَامَةِ اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي سَبَبِهَا تَرَجَّحَ عَلَيْهِ؛ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الْعَامُّ. وَالْفَقْرُ وَالْغِنَى حَالَانِ يَعْرِضَانِ لِلْعَبْدِ بِاخْتِيَارِهِ تَارَةً وَبِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أُخْرَى كَالْمَقَامِ وَالسَّفَرِ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْإِمَارَةِ والائتمار وَالْإِمَامَةِ والائتمام. وَكُلُّ جِنْسٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَفْضِيلِهِ عَلَى الْآخَرِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ هَذَا أَفْضَلَ فِي حَالٍ؛ وَهَذَا فِي حَالٍ وَقَدْ يَسْتَوِيَانِ فِي حَالٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِي (شَرْحِ السُّنَّةِ للبغوي عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ