للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} وَلَمَّا طَلَبَ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ: {يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي. لَا تَأَمَّرَن عَلَى اثْنَيْنِ. وَلَا تَوَلَّيَن مَالَ يَتِيمٍ} . وَكَانُوا يَسْتَوُونَ فِي مَقَاعِدِهِمْ عِنْدَهُ وَفِي الِاصْطِفَافِ خَلْفَهُ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمَنْ اخْتَصَّ مِنْهُمْ بِفَضْلِ عَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ الْفَضْلَ كَمَا قَنَتَ لِلْقُرَّاءِ السَّبْعِينَ وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَكَانَ أَيْضًا لِعُثْمَانِ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وأسيد بْنِ الحضير وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ وَنَحْوِهِمْ مِنْ سَادَاتِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الْأَغْنِيَاءِ مَنْزِلَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَهَذِهِ سِيرَةُ الْمُعْتَدِلِينَ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ. وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَهِيَ طَرِيقَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ. وَغَيْرِهِمْ. فِي مُعَامَلَتِهِمْ لِلْأَقْوِيَاءِ وَالضُّعَفَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ. وَفِي الْأَئِمَّةِ كَالثَّوْرِيِّ وَنَحْوِهِ مَنْ كَانَ يَمِيلُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيَمِيلُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ مُجْتَهِدًا فِي ذَلِكَ طَالِبًا بِهِ رِضَا اللَّهِ حَتَّى عُتِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَرَجَعَ عَنْهُ.