للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْحَقَائِقَ الْكَوْنِيَّةَ - الَّتِي ذَكَرْت أَنَّهَا كَانَتْ مَعْدُومَةً فِي نَفْسِهَا مَشْهُودَةً أَعْيَانُهَا فِي عِلْمِهِ فِي تَجَلِّيهِ الْمُطْلَقِ الَّذِي كَانَ فِيهِ مُتَّحِدًا بِنَفْسِهِ بِوَحْدَتِهِ الذَّاتِيَّةِ - هَلْ خَلَقَهَا وَبَرَأَهَا وَجَعَلَهَا مَوْجُودَةً بَعْدَ عَدَمِهَا أَمْ لَمْ تَزَلْ مَعْدُومَةً؟ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَزَلْ مَعْدُومَةً: فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْكَوْنِيَّاتِ مَوْجُودًا وَهَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ؛ وَالْعَقْلِ؛ وَالشَّرْعِ وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ وَلَمْ يَقُلْهُ عَاقِلٌ. وَإِنْ كَانَتْ صَارَتْ مَوْجُودَةً بَعْدَ عَدَمِهَا: امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ هِيَ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ مَعْدُومًا فَيُوجَدُ. وَهَذَا يُبْطِلُ الِاتِّحَادَ وَوَجَبَ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا لَيْسَ هُوَ اللَّهُ بَلْ هُوَ خَلْقُهُ وَمَمَالِيكُهُ وَعَبِيدُهُ؛ وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَك وَهُوَ الْآنَ لَا شَيْءَ مَعَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ.

الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَك تَرَكَّبَتْ الْخِلْقَةُ الْإِلَهِيَّةُ مَنْ كَانَ إلَى سِرِّ شَأْنِهِ أَوْ قَوْلَك: ظَهَرَ الْحَقُّ فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُطْلِقُهَا هَؤُلَاءِ الِاتِّحَادِيَّةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. مِثْلُ قَوْلِهِمْ: ظَهَرَ الْحَقُّ وَتَجَلَّى وَهَذِهِ مَظَاهِرُ الْحَقِّ وَمَجَالِيهِ وَهَذَا مَظْهَرٌ إلَهِيٌّ وَمُجَلَّى إلَهِيٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ: أَتَعْنِي بِهِ أَنَّ عَيْنَ ذَاتِهِ حَصَلَتْ هُنَاكَ؟