للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ فَأَمَرَهُمْ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَنَهَاهُمْ عَمَّا فِيهِ فَسَادُهُمْ. وَإِرْسَالُ الرُّسُلِ وَإِنْزَالُ الْكُتُبِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَى خَلْقِهِ كَمَا قَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وَقَالَ تَعَالَى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وَقَالَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} فَمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَعَ الْأَمْرِ بِالِامْتِثَالِ فَقَدْ تَمَّتْ النِّعْمَةُ فِي حَقِّهِ كَمَا قَالَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} وَهَؤُلَاءِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ. وَمَنْ لَمْ يُنْعِمْ عَلَيْهِ بِالِامْتِثَالِ بَلْ خَذَلَهُ حَتَّى كَفَرَ وَعَصَى فَقَدْ شَقِيَ لِمَا بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا كَمَا قَالَ {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الشَّرْعِيَّانِ لَمَّا كَانَا نِعْمَةً وَرَحْمَةً عَامَّةً لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ عَدَمُ انْتِفَاعِ بَعْضِ النَّاسِ بِهِمَا مِنْ الْكُفَّارِ كَإِنْزَالِ الْمَطَرِ وَإِنْبَاتِ الرِّزْقِ هُوَ نِعْمَةٌ عَامَّةٌ وَإِنَّ تَضَرَّرَ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ لِحِكْمَةٍ أُخْرَى كَذَلِكَ مَشِيئَتُهُ لِمَا شَاءَهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَعْيَانِهَا وَأَفْعَالِهَا لَا يُوجِبُ أَنْ يُحِبَّ كُلَّ شَيْءٍ. مِنْهَا فَإِذَا أَمَرَ الْعَبْدَ بِأَمْرٍ فَذَاكَ إرْشَادٌ وَدَلَالَةٌ فَإِنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ صَارَ مَحْبُوبًا لِلَّهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مَحْبُوبًا لَهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادًا لَهُ وَإِرَادَته لَهُ تَكْوِينًا لِمَعْنَى آخَرَ. فَالتَّكْوِينُ غَيْرُ التَّشْرِيعِ. (فَإِنْ قِيلَ الْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا يَقْتَضِيَانِ مُلَاءَمَةً وَمُنَاسِبَةً بَيْن الْمُحِبِّ