للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ البيهقي فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ مَا ذَكَرَهُ الخطابي أَيْضًا فِي " الغنية عَنْ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ وَقَدْ سَلَكَ بَعْضُ مَنْ بَحَثَ فِي إثْبَاتِ الصَّانِعِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ طَرِيقَ الِاسْتِدْلَال بِمُقَدِّمَاتِ النُّبُوَّةِ وَمُعْجِزَاتِ الرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّ دَلَائِلَهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ طَرِيقِ الْحِسِّ لِمَنْ شَاهَدَهَا. وَمِنْ طَرِيقِ اسْتِفَاضَةِ الْخَبَرِ لِمَنْ غَابَ عَنْهَا؛ فَلَمَّا ثَبَتَتْ النُّبُوَّةُ صَارَتْ أَصْلًا فِي وُجُوبِ قَبُولِ مَا دَعَا إلَيْهِ النَّبِيُّ؛ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ إيمَانُ أَكْثَرِ الْمُسْتَجِيبِينَ لِلرَّسُولِ؛ وَذَكَرَ: قِصَّةَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ مَعَ النَّجَاشِيِّ وَقِصَّةَ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَغَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْت: كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ يَقُولُونَ: لَا بُدَّ أَنْ تَتَقَدَّمَ الْمَعْرِفَةُ أَوَّلًا بِثُبُوتِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ الَّتِي يَعْلَمُ بِهَا أَنَّهُ هُوَ وَيُظْهِرُ الْمُعْجِزَةَ وَإِلَّا تَعَذَّرَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ فَضْلًا عَنْ وُجُودِ الرَّبِّ. وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُتَقَدِّمُونَ فَصَحِيحَةٌ إذَا حُرِّرَتْ وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِهَا فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ فَإِنَّهُ كَانَ مُنْكِرًا لِلرَّبِّ. قَالَ تَعَالَى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إسْرَائِيلَ} {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} - إلَى قَوْلِهِ - {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ} {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} {قَالَ إنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إلَهًا غَيْرِي