للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ مُوسَى

عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُؤْمِنًا بِالْقَدَرِ وَعَالِمًا بِهِ بَلْ أَتْبَاعُهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانُوا أَيْضًا مُؤْمِنِينَ بِالْقَدَرِ فَهَلْ يَظُنُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ أَنَّ مُوسَى طَلَبَ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ الْخَضِرِ الْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَدْفَعُ الْمَلَامَ مَعَ أَنَّ مُوسَى أَعْلَمُ بِالْقَدَرِ مِنْ الْخَضِرِ بَلْ عُمُومُ أَصْحَابِ مُوسَى يَعْلَمُونَ ذَلِكَ. وَ " أَيْضًا " فَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ بَيَّنَ ذَلِكَ لِمُوسَى. وَقَالَ: إنِّي كُنْت شَاهِدًا لِلْإِرَادَةِ وَالْقَدَرِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. بَلْ بَيَّنَ لَهُ أَسْبَابًا شَرْعِيَّةً تُبِيحُ لَهُ مَا فَعَلَ. كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا " الْوَجْهُ الثَّانِي ": فَإِنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَظُنُّ: أَنَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ يَسُوغُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْ الشَّرِيعَةِ النَّبَوِيَّةِ كَمَا سَاغَ لِلْخَضِرِ الْخُرُوجُ عَنْ مُتَابَعَةِ مُوسَى وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْوَلِيِّ فِي الْمُكَاشَفَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ فِي عُمُومِ أَحْوَالِهِ أَوْ بَعْضِهَا وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُفَضِّلُ الْوَلِيَّ فِي زَعْمِهِ إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ عَلَى النَّبِيِّ زَاعِمِينَ أَنَّ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ حُجَّةٌ لَهُمْ وَكُلُّ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ مِنْ أَعْظَمِ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ؛ بَلْ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ النِّفَاقِ وَالْإِلْحَادِ وَالْكُفْرِ. فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ: أَنَّ رِسَالَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ