للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ يُشْبِهُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى: " أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ قَاتَلُوا مَعَ الْكُفَّارِ لَمَّا انْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ حنين أَوْ غَيْرَ يَوْمِ حنين وَأَنَّهُمْ قَالُوا نَحْنُ مَعَ اللَّهِ مَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ كُنَّا مَعَهُ " وَمَنْ رَوَى: {أَنَّ صَبِيحَةَ الْمِعْرَاجَ وَجَدَ أَهْلُ الصُّفَّةِ يَتَحَدَّثُونَ بِسِرِّ كَانَ اللَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَكْتُمَهُ فَقَالَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ عَلَّمَنَا إيَّاهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أَلَمْ تَأْمُرْنِي أَلَّا أُفْشِيَهُ؟ فَقَالَ: أَمَرْتُك أَنْتَ أَلَّا تُفْشِيَهُ وَلَكِنِّي أَنَا أَخْبَرْتهمْ بِهِ} وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا طَوَائِفُ مُنْتَسِبُونَ إلَى الدِّينِ مَعَ فَرْطِ جَهْلِهِمْ بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَيَبْنُونَ عَلَيْهَا مِنْ النِّفَاقِ وَالْبِدَعِ مَا يُنَاسِبُهَا. تَارَةً يُسْقِطُونَ التَّوَسُّطَ بِالرَّسُولِ وَأَنَّهُمْ يَصِلُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الرُّسُلِ مُطْلَقًا. فَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَسْقَطُوا وَسَاطَةَ رَسُولٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسْقِطُوا وَسَاطَةَ الرُّسُلِ مُطْلَقًا. وَهَؤُلَاءِ إذَا أَسْقَطُوا وَسَاطَةَ الرُّسُلِ مُطْلَقًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ كَانَ هَذَا أَغْلَظَ مِنْ كُفْرِ أُولَئِكَ؛ لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا تَسْقُطُ الْوَسَاطَةُ إلَّا عَنْ الْخَاصَّةِ لَا عَنْ الْعَامَّةِ فَيَكُونُونَ أَكْفَرَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِ السِّفَارَةِ مُطْلَقًا عَنْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ أَكْفَرُ مِنْ جِهَةِ إسْقَاطِ سِفَارَةِ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا بَلْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ رَسُولٌ إلَى الْأُمِّيِّينَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَخْرَجُوا عَنْ رِسَالَتِهِ مَنْ لَهُ كِتَابٌ وَهَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ عَنْ رِسَالَتِهِ مَنْ لَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا خَيَالَاتٌ