للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ " الْوَعِيدَ " فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مَوْجُودٌ وَلَكِنَّ الْوَعِيدَ الْمَوْجُودَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ التَّائِبَ بِقَوْلِهِ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} أَيْ لِمَنْ تَابَ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَالشِّرْكُ لَا يُغْفَرُ وَمَا دُونَ الشِّرْكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَ عَلَيْهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا غَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكَهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ} {وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَدْ جَاءَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ وَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا؟ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْت تَنْصَبُ؟ أَلَسْت تَحْزَنُ؟ أَلَسْت تُصِيبُك اللأوى؟ فَذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ} فَالْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَا الْمُؤْمِنِ مَا بِهِ يُكَفَّرُ وَكَذَلِكَ الْحَسَنَاتُ الَّتِي يَفْعَلُهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ} فَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يَظْلِمُ