للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَّخِذُونَ ذَلِكَ قُرْبَةً وَدِينًا تَتَحَرَّكُ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَيَحْصُلُ لَهُمْ عِنْدَهُ مِنْ الْوَجِلِ وَالصِّيَاحِ مَا تَنْزِلُ مَعَهُ الشَّيَاطِينُ كَمَا يَدْخُلُ الشَّيْطَانُ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ؛ وَلِهَذَا يَزِيدُ أَحَدُهُمْ كَأَزْبَادِ الْمَصْرُوعِ وَيَصِيحُ كَصِيَاحِهِ. وَذَلِكَ صِيَاحُ الشَّيَاطِينِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا جَرَى مِنْهُ حَتَّى يُفِيقَ وَيَتَكَلَّمَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِ أَحَدِهِمْ بِكَلَامِ لَا يَعْرِفُهُ الْإِنْسَانُ وَيَدْخُلُ أَحَدُهُمْ النَّارَ وَقَدْ لَبِسَهُ الشَّيْطَانُ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ لِقَوْمِ مِنْ النَّصَارَى بِالْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِمْ. تَلْبِسُهُمْ الشَّيَاطِينُ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ. فَهَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعُونَ الْمُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَحْوَالُهُمْ لَيْسَتْ مِنْ كَرَامَاتِ الصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّ كَرَامَاتِ الصَّالِحِينَ إنَّمَا تَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ؛ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وَهُمْ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إلَى اللَّهِ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ بِالنَّوَافِلِ الَّتِي نَدَبَهُمْ إلَيْهَا. كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا؛ فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ