للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَ " أَيْضًا " فَمِمَّا يَسْتَغْفِرُ وَيُتَابُ مِنْهُ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَوْ قَالَهَا أَوْ فَعَلَهَا عُذِّبَ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} فَهُوَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَرْجِعُ عَمَّا فِي نَفْسِهِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ: كَاَلَّذِي هَمَّ بِالسَّيِّئَةِ وَلَمْ يَعْمَلْهَا وَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ. وَهَذَا مِمَّا يُسْتَغْفَرُ مِنْهُ وَيَتُوبُ؛ فَإِنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ سَبَبًا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْصُلْ الْعِقَابُ وَلَا الذَّمُّ. فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَيْهِ فَيَتُوبُ مِنْ ذَلِكَ: أَيْ يَرْجِعُ عَنْهُ حَتَّى لَا يُفْضِيَ إلَى شَرٍّ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ. أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ فَلَا يُشْقِيه بِهِ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهِ فَقَدْ يَنْقُصُ بِهِ. فَاَلَّذِي يَهُمُّ بِالسَّيِّئَاتِ وَإِنْ كَانَ لَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ؛ لَكِنَّهُ اشْتَغَلَ بِهَا عَمَّا كَانَ يَنْفَعُهُ فَيَنْقُصُ بِهَا عَمَّنْ لَمْ يَفْعَلْهَا وَاشْتَغَلَ بِمَا يَنْفَعُهُ عَنْهَا. وَقَدْ بَسَطْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: أَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ وَقَوْلَهُ - إمَّا لَهُ وَإِمَّا عَلَيْهِ - لَا يَخْلُو مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا. فَهُوَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ مِمَّا