للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا أَوْ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَإِنَّمَا يُوصَفُ عِنْدَهُمْ بِالسَّلْبِ وَالنَّفْيِ مِثْلِ قَوْلِهِمْ لَيْسَ بِجِسْمِ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ أَوْ بِإِضَافَةِ مِثْلِ كَوْنِهِ مَبْدَأً لِلْعَالَمِ أَوْ الْعِلَّةَ الْأُولَى، أَوْ بِصِفَةِ مُرَكَّبَةٍ مِنْ السَّلْبِ وَالْإِضَافَةِ؛ مِثْل كَوْنِهِ عَاقِلًا وَمَعْقُولًا وَعَقْلًا. وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَخُصُّ مُوسَى بِالتَّكْلِيمِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يَخُصُّ مُحَمَّدًا بِإِرْسَالِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ لَهُ عِلْمًا مُفَصَّلًا لِلْمَعْلُومَاتِ فَضْلًا عَنْ إرَادَةٍ تَفْصِيلِيَّةٍ؛ بَلْ يُثْبِتُونَ - إذَا أَثْبَتُوا - لَهُ عِلْمًا جُمَلِيًّا كُلِّيًّا وَغَايَةً جُمَلِيَّةً كُلِّيَّةً وَمَنْ أَثْبَتَ النُّبُوَّةَ مِنْهُمْ قَالَ: إنَّهَا فَيْضٌ تَفِيضُ عَلَى نَفْسِ النَّبِيِّ مِنْ جِنْسِ مَا يَفِيضُ عَلَى سَائِرِ النُّفُوسِ؛ لَكِنَّ اسْتِعْدَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ بِحَيْثُ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَيَسْمَعُ مَا لَا يَسْمَعُ غَيْرُهُ وَيُبْصِرُ مَا لَا يُبْصِرُ غَيْرُهُ وَتَقْدِرُ نَفْسُهُ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ نَفْسُ غَيْرِهِ. وَالْكَلَامُ الَّذِي تَقُولُهُ الْأَنْبِيَاءُ هُوَ كَلَامُهُمْ وَقَوْلُهُمْ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَنْ الْقُرْآنِ {إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} فَإِنَّ " الْوَحِيدَ " الَّذِي هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ كَانَ مِنْ جِنْسِهِمْ؛ كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ هُمْ صَابِئُونَ أَيْضًا فَإِنَّ الصَّابِئِينَ كَأَهْلِ الْكِتَابِ تَارَةً يَجْعَلُهُمْ اللَّهُ قِسْمًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَتَارَةً يَجْعَلُهُمْ اللَّهُ قَسِيمًا لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}