للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ يَقُولُ: أُلْقِيَ فِي قَلْبِي وَأُلْهِمْت وَنَحْوَ ذَلِكَ إذَا كَانَ كَاذِبًا. وَيَدْخُلُ فِي " الْقِسْمِ الْأَوَّلِ " مَنْ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ لِي أَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ أَوْ وَافَقَنِي أَوْ قَالَ لِي وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ بِخَيَالَاتِ أَوْ إلْهَامَاتٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بَلْ قَدْ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ مِثْلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} فَهَذِهِ حَالُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَشَرَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ كَلَامِ اللَّهِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامُ الْبَشَرِ بِفَضِيلَةِ وَقُوَّةٍ مِنْ صَاحِبِهِ فَإِذَا اجْتَهَدَ الْمَرْءُ أَمْكَنَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ. وَهَذَا يَعُمُّ مَنْ قَالَ إنَّهُ يُمْكِنُ مُعَارَضَةُ الْقُرْآنِ كَابْنِ أَبِي سَرْحٍ فِي حَالِ رِدَّتِهِ وَطَائِفَةٍ مُتَفَرِّقِينَ مِنْ النَّاسِ وَيَعُمُّ الْمُتَفَلْسِفَةَ الصَّابِئَةَ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ؛ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ رِسَالَةَ الْأَنْبِيَاءِ كَلَامٌ فَاضَ عَلَيْهِمْ قَدْ يَفِيضُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِثْلُهُ فَيَكُونُ قَدْ أَنْزَلَ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي دَعْوَى الرُّسُلِ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَدْ يَقُولُهُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ شَيْئًا؛ وَقَدْ يَقُولُهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ شَيْئًا.

فَصْلٌ:

وَلِهَذَا كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إنْكَارَ التَّكْلِيمِ وَالْمُخَالَّةِ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ " فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَرَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ - كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ -