للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ فَقَالَ هَؤُلَاءِ: هَذَا الَّذِي يُقْرَأُ وَيُسْمَعُ مِثْلَ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ: هَذَا الَّذِي مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ هُوَ مِثْلُ كَلَامِ اللَّهُ فَيَكُونُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " كِتَابِ الْإِرْشَادِ " عَنْ بَعْضِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَالَ: شُبْهَةٌ اُعْتُرِضَ بِهَا عَلَى بَعْضِ أَئِمَّتِهِمْ فَقَالَ: أَقَلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَمَارَاتِ الْحَدَثِ كَوْنُهُ مُشْبِهًا لِكَلَامِنَا وَالْقَدِيمُ لَا يُشْبِهُ الْمُحْدَثِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لِغُلَامِهِ يَحْيَى: يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ يُضَاهِي قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ حَتَّى لَا يُمَيِّزُ السَّامِعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ حِسُّهُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ أَحَدُهُمَا بِقَصْدِهِ وَالْآخِرُ بِقَصْدِهِ فَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا بِخَبَرِ الْقَائِلِ لَا بِحِسِّهِ وَإِذَا اشْتَبَهَا إلَى هَذَا الْحَدِّ فَكَيْفَ يَجُوزُ دَعْوَى قِدَمِ مَا يُشَابِهُ الْمُحْدَثَ وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ مَعَ أَنَّهُ إنْ جَازَ دَعْوَى قِدَمِ الْكَلَامِ مَعَ كَوْنِهِ مُشَاهِدًا لِلْمُحْدَثِ جَازَ دَعْوَى التَّشْبِيهِ بِظَوَاهِرِ الْآيِ وَالْأَخْبَارِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا فَزِعْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ إلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ خَوْفًا مِنْ جَوَابِ دُخُولِ الْقُرْآنِ بِالْحَدَثِ عَلَيْنَا كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَفْزَعُوا مِنْ الْقَوْلِ بِالْقِدَمِ مَعَ وُجُودِ الشَّبَهِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ أَصْحَابِكُمْ يَقُولُ لِقُوَّةِ مَا رَأَى مِنْ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا إنَّ الْكَلَامَ وَاحِدٌ وَالْحُرُوفُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ إنَّهُ قَدِيمٌ مُحْدَثٌ.