للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُونَ: إنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَكَلَامِهِمْ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ فَيَلْزَمُهُمْ هَذَا. وَأَمَّا " الْمُعْتَزِلَةُ " فَلَا يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لَكِنَّ الْحُجَّةَ تُوجِبُ الْقَوْلَ بِذَلِكَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ الْكَلَامُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ بِالْمُتَكَلِّمِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مَخْلُوقًا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مُتَكَلِّمٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. وَهَذَا قَوْلُ الكَرَّامِيَة وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: كَلَامُهُ كُلُّهُ حَادِثٌ لَا مُحْدَثٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ حَادِثٌ وَمُحْدَثٌ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا مُطْلَقًا: الْكَلَامُ لَازِمٌ لِذَاتِ الرَّبِّ كَلُزُومِ الْحَيَاةِ لَيْسَ هُوَ مُتَعَلِّقًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بَلْ هُوَ قَدِيمٌ كَقِدَمِ الْحَيَاةِ؛ إذْ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا أَوْ قَائِمًا بِذَاتِ الرَّبِّ فَيَلْزَمُ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَسَلْسُلَ الْحَوَادِثِ. لِأَنَّ الْقَابِلَ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ أَوْ عَنْ ضِدِّهِ. قَالُوا: وَتَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ؛ إذْ التَّفْرِيعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا قَالُوا بِقِدَمِ عَيْنِ الْكَلَامِ تَنَازَعُوا فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: