للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّحْمَةِ وَهِيَ أَنْ تَغْشَاهُمْ كَمَا يَغْشَى اللِّبَاسُ لَابِسَهُ وَكَمَا يَغْشَى الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَاللَّيْلُ النَّهَارَ. ثُمَّ قَالَ: {وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السِّكِّينَةُ} وَهُوَ إنْزَالُهَا فِي قُلُوبِهِمْ {وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ} أَيْ جَلَسَتْ حَوْلَهُمْ {وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ} مِنْ الْمَلَائِكَةِ. وَذَكَرَ اللَّهُ الْغِشْيَانَ فِي مَوَاضِعَ مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} وَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} وَقَوْلِهِ: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} وَقَوْلِهِ: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} هَذَا كُلُّهُ فِيهِ إحَاطَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَذَكَرَ تَعَالَى إنْزَالَ النُّعَاسِ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ: {إذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} وَالنُّعَاسُ يَنْزِلُ فِي الرَّأْسِ بِسَبَبِ نُزُولِ الْأَبْخِرَةِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الدِّمَاغِ فَتَنْعَقِدُ فَيَحْصُلُ مِنْهَا النُّعَاسُ. وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ - مِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد - جَعَلُوا النُّزُولَ وَالْإِتْيَانَ وَالْمَجِيءَ حَدَثًا يُحْدِثُهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ فَذَاكَ هُوَ إتْيَانُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ عَلَى الْعَرْشِ فَقَالُوا اسْتِوَاؤُهُ فِعْلٌ يَفْعَلُهُ فِي الْعَرْشِ يَصِيرُ بِهِ مُسْتَوِيًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ