للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي التَّصَوُّفِ عَلَى طَرِيقِهِمْ كَمَا فِي " مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ " وَكَمَا فِي " كِتَابِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ " وَكَمَا فِي كَلَامِ الِاتِّحَادِيَّةِ كَصَاحِبِ " الْفُصُوصِ " وَأَمْثَالِهِ - فَضَلَالُهُ وَمُخَالَفَتُهُ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ بَلْ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ مَنْ أَبْيَنِ الْأُمُورِ. وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ: أَنَّ تَكْلِيمَ اللَّهِ لِمُوسَى إنَّمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْإِلْهَامِ وَالْوَحْيِ؛ وَأَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا قَدْ يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى - كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ فُرُوخِ الْجَهْمِيَّة الْكُلَّابِيَة وَنَحْوِهِمْ - فَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ ضَلَالًا. وَقَدْ دَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْوَحْيِ وَالْكَلَامِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِيهِمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا انْدَرَجَ فِيهِ الْآخَرُ كَمَا انْدَرَجَ الْوَحْيُ فِي التَّكْلِيمِ الْعَامِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَانْدَرَجَ التَّكْلِيمُ فِي الْوَحْيِ الْعَامِّ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} وَأَمَّا التَّكْلِيمُ الْخَاصُّ الْكَامِلُ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَحْيُ الْخَاصُّ الْخَفِيُّ: الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ الْأَنْبِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا أَنَّ الْوَحْيَ الْمُشْتَرَكَ الْخَاصَّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ التَّكْلِيمُ الْخَاصُّ الْكَامِلُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِزَكَرِيَّا: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إلَيْهِمْ} " فَالْإِيحَاءُ " لَيْسَ بِتَكْلِيمِ وَلَا يُنَاقِضُ الْكَلَامَ وقَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا رَمْزًا} إنْ جُعِلَ