للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَطَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ: مِنْ الكَرَّامِيَة وَغَيْرِهِمْ - أَنَّ كَوْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقًا وَرَازِقًا وَمُحْيِيًا وَمُمِيتًا وَبَاعِثًا وَوَارِثًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ؛ لَيْسَ مَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ فَالْخَلْقُ فِعْلُ اللَّهِ الْقَائِمُ بِهِ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْمَخْلُوقَاتُ الْمُنْفَصِلَةُ عَنْهُ. وَذَهَبَ طَوَائِفُ مِنْ " أَهْلِ الْكَلَامِ " مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: مِنْ الْفُقَهَاءِ الْحَنْبَلِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْخَلْقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ أَوْ مُجَرَّدُ نِسْبَةٍ وَإِضَافَةٍ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَوَّلُ قَوْلَيْ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ حَالُ الذَّاتِ الَّتِي تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ أَوْ لَا تَخْلُقُ وَلَا تَرْزُقُ سَوَاءً. وَبِهَذَا نَقَضَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَنْ نَاظَرَهَا مَنَّ الصفاتية الْأَشْعَرِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ؛ لَمَّا اسْتَدَلَّتْ الصفاتية بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ " الْقَاعِدَةِ الشَّرِيفَةِ " فَقَالُوا: يَنْتَقِضُ عَلَيْكُمْ بِالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ؛ فَإِنَّ الْخَلْقَ وَالرِّزْقَ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ وَقَدْ اُشْتُقَّ لَهُ مِنْهُ اسْمُ الْخَالِقِ وَالرَّازِقِ؛ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ صِفَةُ فِعْلٍ أَصْلًا فَكَذَلِكَ الصَّادِقُ وَالْحَكِيمُ وَالْمُتَكَلِّمُ وَالرَّحِيمُ وَالْوَدُودُ وَهَذَا النَّقْضُ لَا يَلْزَمُ جَمَاهِيرَ الْأُمَّةِ وَعَامَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّ الْبَابَ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا بِقِدَمِ مَخْلُوقَاتِهِ أَوْ مَفْعُولَاتِهِ سَوَاءً قِيلَ: أَنَّ نَفْسَ فِعْلِهِ الْقَائِمِ بِهِ قَدِيمٌ فَقَطْ كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ