للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّنَّةِ: إنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ وَالتَّجْزِئَةَ؛ بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: إمَّا أَنْ يَحْصُلَ كُلُّهُ أَوْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ. وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهِ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْكِتَابِيَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَيَتَنَوَّعُ مُسَمَّاهَا قَدْرًا وَوَصْفًا بِتَنَوُّعِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ؛ فَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين وَجَمِيعِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ: مِثْلُ الْإِقْرَارِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ بِمَكَّةَ هِيَ فِي هَذَا الْإِيمَانِ الْعَامِّ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ جَمِيعِهِمْ وَالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعِهِمْ. وَهَذَا الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ فِي بَعْضِ الْمِلَلِ أَعْظَمُ قَدْرًا وَوَصْفًا فَإِنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَوَصْفِ الْيَوْمِ الْآخِرِ أَكْمَلُ مِمَّا جَاءَ بِهِ سَائِر الْأَنْبِيَاءِ. وَمِنْهُ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ وَالْمَنَاهِجُ كَالْقِبْلَةِ وَالْمَنْسَكِ وَمَقَادِيرِ الْعِبَادَاتِ وَأَوْقَاتِهَا وَصِفَاتِهَا وَالسُّنَنِ وَالْأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَمُسَمَّى الْإِيمَانِ وَالدِّينِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ هُوَ مُسَمَّاهُ فِي آخِرِ زَمَانِ النُّبُوَّةِ؛ بَلْ مُسَمَّاهُ فِي الْآخِرِ أَكْمَلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وَقَالَ فِي السُّورَةِ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد كَانَ بَدْءُ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ نَاقِصًا فَجَعَلَ يَتِمُّ وَهَكَذَا