للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يُوجِبُ نَقْصًا فِي حَقِّ الرَّبِّ وَلَا زَوَالَ اتِّصَافِهِ بِهِ وَلَا خُرُوجَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَهُ؛ بَلْ نَعْلَمُ أَنَّ الرَّبَّ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَلَا يُرْسِلُ بِهِ رَسُولًا قَدْ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُرْسِلُ بِهِ رَسُولًا فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ كَلَامُهُ - سُبْحَانَهُ -؛ بَلْ إرْسَالُ الرَّسُولِ بِهِ نَفْعُ الْخَلْقِ وَهُدَاهُمْ وَلَمْ يَجِبْ بِهِ نُقْصَانُ صِفَةِ مَوْلَاهُمْ. وَقَوْلُهُ: أَمْ يَكُونُ قَائِمًا بِنَا وَبِهِ؟ فَيُقَالُ: مَعْنَى الْقَائِمِ لَفْظٌ مُجْمَلٌ؛ فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ نَفْسَ الْكَلَامِ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ تَكَلَّمَ هُوَ بِهِ وَتَكَلَّمْنَا بِهِ مُبَلِّغِينَ لَهُ عَنْهُ فَكَذَلِكَ هُوَ. وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ مَا اخْتَصَّ بِهِ يَقُومُ بِنَا أَوْ مَا اخْتَصَّ بِنَا يَقُومُ بِهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْقِيَامِ أَنَّا بَلَّغْنَا كَلَامَهُ أَوْ قَرَأْنَا كَلَامَهُ أَوْ تَلَوْنَا كَلَامَهُ فَهَذَا صَحِيحٌ. فَكَذَلِكَ إنْ أُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامُهُ مَسْمُوعًا مِنْ الْمُبَلِّغِ لَا مِنْهُ. وَإِنْ أُرِيدَ بِالْقِيَامِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ قَامَ بِغَيْرِهِ مُخْتَصًّا بِهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَإِنْ قِيلَ: الصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ تَقُومُ بِمَوْضِعَيْنِ. قِيلَ: هَذَا أَيْضًا مُجْمَلٌ؛ فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُخْتَصَّ بِمَحَلِّ يَقُومُ بِمَحَلِّ آخَرَ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي يُسَمَّى صِفَةً وَاحِدَةً يَقُومُ بِالْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَيُبَلِّغُهُ عَنْهُ غَيْرُهُ كَانَ هَذَا صَحِيحًا. فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ يَجِبُ أَنْ تُفَسَّرَ الْأَلْفَاظُ الْمُجْمَلَةُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُفَسِّرَةِ الْمُبَيِّنَةِ وَكُلُّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلًا فَلَا يُطْلَقُ إلَّا مُبَيَّنًا بِهِ الْمُرَادُ الْحَقُّ دُونَ