للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إلَى الصَّفَا قَرَأَ قَوْله تَعَالَى {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وَقَالَ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ} فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ بَدَأَ بِالصَّفَا قَبْلَ الْمَرْوَةِ. وَالسَّلَفُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ. فَظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ قَدِيمُ الْعَيْنِ ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ هُوَ الْأَمْرُ بِكُلِّ مَأْمُورٍ وَالنَّهْيُ عَنْ كُلِّ مَنْهِيٍّ وَالْخَبَرُ بِكُلِّ مُخْبَرٍ إنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالعبرانية كَانَ تَوْرَاةً وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالسريانية كَانَ إنْجِيلًا. وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ لَازِمَةٌ لِذَاتِ اللَّه لَمْ تَزَلْ لَازِمَةً لِذَاتِهِ وَإِنَّ الْبَاءَ وَالسِّينَ وَالْمِيمَ مَوْجُودَةٌ مُقْتَرِنَةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضِ مَعًا أَزَلًا وَأَبَدًا لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا شَيْءٌ شَيْئًا. وَهَذَا أَيْضًا مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِنَّهُ فِي الْأَزَلِ كَانَ مُتَكَلِّمًا بِالنِّدَاءِ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى وَإِنَّمَا تَجَدَّدَ اسْتِمَاعُ مُوسَى لَا أَنَّهُ نَادَاهُ حِينَ أَتَى الْوَادِيَ الْمُقَدَّسَ؛ بَلْ نَادَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَتَنَاهَى وَلَكِنْ تِلْكَ السَّاعَةُ سَمِعَ النِّدَاءَ. وَهَؤُلَاءِ وَافَقُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْقُرْآنَ