للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} . وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ؛ فَإِنَّ الذُّبَابَ مِنْ أَصْغَرِ الْمَوْجُودَاتِ وَكُلُّ مَنْ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ. فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَخْلُقُونَ ذُبَابًا وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى انْتِزَاعِ مَا يَسْلُبُهُمْ فَهُمْ عَنْ خَلْقِ غَيْرِهِ وَعَنْ مُغَالَبَتِهِ أَعْجَزُ وَأَعْجَزُ: وَ " الْمَثَلُ " هُوَ الْأَصْلُ وَالنَّظِيرُ الْمُشَبَّهُ بِهِ كَمَا قَالَ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} أَيْ لَمَّا جَعَلُوهُ نَظِيرًا قَاسُوا عَلَيْهِ آلِهَتَهُمْ وَقَالُوا إذَا كَانَ قَدْ عُبِدَ وَهُوَ لَا يُعَذَّبُ فَكَذَلِكَ آلِهَتُنَا فَضَرَبُوهُ مَثَلًا لِآلِهَتِهِمْ وَجَعَلُوا يَصِدُّونَ أَيْ يَضِجُّونَ وَيَعْجَبُونَ مِنْهُ احْتِجَاجًا بِهِ عَلَى الرَّسُولِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آلِهَتِهِمْ ظَاهِرٌ كَمَا بَيَّنَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} وَقَالَ فِي فِرْعَوْنَ: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} أَيْ مَثَلًا يُعْتَبَرُ بِهِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَمَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ جُوزِيَ بِجَزَائِهِ؛ لِيَتَّعِظَ النَّاسُ بِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَحْوَالِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ