للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" أَحَدُهُمَا " أَنْ يُقَالَ: جُمْهُورُ مَسَائِلِ الْفِقْهِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا النَّاسُ وَيُفْتُونَ بِهَا هِيَ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا يَقَعُ الظَّنُّ وَالنِّزَاعُ فِي قَلِيلٍ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ وَكَثِيرُ مَسَائِلِ الْخِلَافِ هِيَ فِي أُمُورٍ قَلِيلَةِ الْوُقُوعِ وَمُقَدَّرَةٍ وَأَمَّا مَا لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ مِنْ الْعِلْمِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَيَحْرُمُ وَيُبَاحُ فَهُوَ مَعْلُومٌ مَقْطُوعٌ بِهِ وَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً جُزْءٌ مِنْ الْفِقْهِ وَإِخْرَاجُهُ مِنْ الْفِقْهِ قَوْلٌ لَمْ يُعْلَمْ أَحَدٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَهُ وَلَا احْتَرَزَ بِهَذَا الْقَيْدِ أَحَدٌ إلَّا الرَّازِي وَنَحْوُهُ وَجَمِيعُ الْفُقَهَاءِ يَذْكُرُونَ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَوُجُوبَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْفَوَاحِشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً. و " أَيْضًا " فَكَوْنُ الشَّيْءِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً أَمْرٌ إضَافِيٌّ فَحَدِيثُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَمَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ قَدْ لَا يَعْلَمُ هَذَا بِالْكُلِّيَّةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْخَاصَّةُ بِالضَّرُورَةِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُهُ أَلْبَتَّةَ. " الْجَوَابُ الثَّانِي " أَنْ يُقَالَ: الْفِقْهُ لَا يَكُونُ فِقْهًا إلَّا مِنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ أَرْجَحُ وَهَذَا الظَّنَّ أَرْجَحُ