للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالُوا: إنَّ الْجِسْمَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْحَوَادِثِ؛ إذْ كَانَ الْقَدِيمُ عِنْدَهُمْ جِسْمًا قَدِيمًا وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْحَوَادِثِ وَقَدْ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ الْقَدِيمَ جِسْمٌ هُوَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ كَمَا أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ فِي الْإِسْلَامِ نَفْيَ الْجِسْمِ هُوَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ.

وَكَلَامُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي ذَمِّ الْجَهْمِيَّة كَثِيرٌ مَشْهُورٌ فَإِنَّ مَرَضَ التَّعْطِيلِ شَرٌّ مِنْ مَرَضِ التَّجْسِيمِ وَإِنَّمَا كَانَ السَّلَفُ يَذُمُّونَ الْمُشَبِّهَةَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: الْمُشَبِّهَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: بَصَرٌ كَبَصَرِي وَيَدٌ كَيَدِي وَقَدَمٌ كَقَدَمِي وَابْنُ كِلَابٍ وَمَنْ تَبِعَهُ أَثْبَتُوا الصِّفَاتِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَأَمَّا الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيَنْفُونَهَا قَالُوا لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ وَلَوْ قَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ لَكَانَ حَادِثًا لِأَنَّ مَا قَبِلَ الشَّيْءَ لَمْ يَخْلُ عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ فَلَوْ قَبِلَ بَعْضَ هَذِهِ الْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ وَمِنْ ضِدِّهِ فَلَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَيَكُونُ حَادِثًا. و " مُحَمَّدُ بْنُ كَرَّامٍ " كَانَ بَعْدَ ابْنِ كِلَابٍ فِي عَصْرِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَثْبَتَ أَنَّهُ يُوصَفُ بِالصِّفَاتِ الاختياريات وَيَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ وَلَكِنْ عِنْدَهُ يَمْتَنِعُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَزَلِ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا فَلَمْ يَقُلْ بِقَوْلِ السَّلَفِ إنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ بَلْ قَالَ: إنَّهُ صَارَ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ كَمَا صَارَ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. وَقَالَ: هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ: