للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَهَؤُلَاءِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضَلَالِهِمْ مُشَارَكَتُهُمْ لِلْفَلَاسِفَةِ وَتَلَقِّيهمْ عَنْهُمْ فَإِنَّ أُولَئِكَ الْقَوْمَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَإِنَّ الرَّسُولَ بُعِثَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى: يُبَيِّنُ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ وَيُخْبِرُ النَّاسَ بِالْغَيْبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُمْ مَعْرِفَتُهُ بِعُقُولِهِمْ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ يَقُولُونَ: إنَّهُ لَمْ يُفِدْ النَّاسَ عِلْمًا بِخَبَرِهِ وَلَا بِدَلَالَتِهِ وَإِنَّمَا خَاطَبَ خِطَابًا جُمْهُورِيًّا لِيُصْلِحَ بِهِ الْعَامَّةَ فَيَعْتَقِدُوا فِي الرَّبِّ وَالْمَعَادِ اعْتِقَادًا يَنْفَعُهُمْ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا وَبَاطِلًا، وَحَقِيقَةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ تَكْذِبُ فِيمَا تُخْبِرُ بِهِ لَكِنْ كَذِبًا لِلْمَصْلَحَةِ فَامْتَنَعَ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ خَبَرِهِمْ عِلْمًا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَخْبَارُهُمْ مُطَابِقَةً لِلْمُخْبَرِ فَكَيْفَ يُثْبِتُونَ أَدِلَّةً عَقْلِيَّةً عَلَى ثُبُوتِ مَا أَخْبَرُوا بِهِ. والمتكلمون - الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ لَا يُخْبِرُونَ إلَّا بِصِدْقِ وَلَكِنْ يَسْلُكُونَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ غَيْرَ طَرِيقِهِمْ - مُبْتَدِعُونَ مَعَ إقْرَارِهِمْ بِأَنَّ الْقُرْآنَ اشْتَمَلَ عَلَى الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَكَيْفَ بِهَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ الْمُفْتَرِينَ؟ وَلِهَذَا لَا يَعْتَنُونَ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِتَفْسِيرِهِ وَلَا بِالْحَدِيثِ وَكَلَامِ السَّلَفِ، وَإِنْ